بمناسبة ذكرى ميلاد نجم الأنصار السابق أحمد السقسوق ، أنشر لكم مقابلة مطولة أجراها معه الزميل محمد مسالخي تحدث خلالها عن مسيرته الكروية من البدايات مروراً بانضمامه للأنصار وصولاً إلى يومنا هذا.
- في البداية أخبرنا عن خطواتك الأولى في عالم المستديرة:
بدأت ممارستي لكرة القدم في سيراليون فقد نشأت وسط عائلة تحب اللعبة وكان والدي وعمي لاعبين مميزين، وامتلكا أندية عدة، وهو ما سهل علي الأمور وجعلني أمارس كرة القدم معظم أوقات فراغي، فتعلمت احترام وتقدير كل ما يتعلق بها.
- ماذا عن قرارك بالقدوم إلى لبنان؟
أثناء متابعتي دراستي في لندن حيث كنت ألعب بشكل شبه محترف، تلقيت اتصالاً من علي عبد الله صديق الطفولة والذي أعتبره بمثابة أخي، وكان وقتها لاعباً في التضامن صور الذي كان يضم أيضاً الأخوين كالون وعنتر إضافة إلى منساري. عبد الله تواصل مع والده في البداية وعاد وطلب مني الحضور إلى لبنان وأخبرني أنني أستطيع المشاركة بصفتي لبنانياً، لم اكن واثقاً بشأن ما قاله لكنني قررت خوض التجربة وقبلت العرض وأردت أن أرى لبنان بما إنني نصف لبناني، فتم ترتيب رحلتي من لندن إلى فري تاون ثم إلى لبنان. وقد تكفل السيد علي أحمد من جميع الأمور المالية بصفته رئيساً لنادي التضامن صور.
- أخبرنا عن مسيرتك في نادي التضامن صور
لقد كان التضامن صور حبي الأول في لبنان إلا أن مسيرتي معه كانت قصيرة جداً لكنها رائعة ومميزة، فقد شاركت مع النادي الجنوبي موسم 1996 - 1997 فقط، وكان مميزاً لي، توجته بالفوز بجائزة أجمل هدف في البطولة، فانحداري من عائلة جنوبية جعلني أحس وكأنني في منزلي، فالتقيت بأفراد عائلتي الذين لم أرهم من قبل.أنا أحب مدينة صور واعتقدت أنني سأبقى فيها فترة طويلة ففريقنا رائع في وقت واجهت الأندية الأخرى عديد المشاكل عندما لعبت في ضيافة التضامن.
- من هم أبرز النجوم الذين لعبت بجانبهم في التضامن؟
ضم التضامن نجوماً مميزين سواء لبنانيين أم أجانب، أمثال كاموكاي كالون ومحمد منساري فضلاً عن وائل نزهة وهيثم زين وفيصل عنتر وعصام موسى وعلي عبد الله في وقت كان فيه رضا عنتر وبلال حاجو ضمن فريق الشباب، لقد امتلكنا تشكيلة مميزة.
- حدثنا عن ظروف انتقالك إلى الأنصار
فعلياً بدأت اللعب مع الانصار عام 1997 بعد موسم وحيد مع التضامن، كنت مضطراً خلاله للعودة إلى سيراليون في نيسان من العام ذاته بسبب وفاة والدتي، الأمر الذي كان صعباً جداً فهي كانت كل شيء في حياتي. وبعد مراسم الدفن تلقيت اتصالاً من السيد عبد الله الذي كان مسؤولاً عن قدومي إلى لبنان وأخبرني باهتمام نادي الأنصار بضمي. ليتصل بي بعد أيام وائل نزهة ويبلغني خبر انضمامه إلى النجمة ورغبة ناديه الجديد أيضاً باستقطابي، فطلبت وقتاً للاختيار بين عرضين من الناديين الأقوى في لبنان، لأعود بعد البحث والتفكير لأتبع حدسي وأقرر التوقيع للأنصار.لقد اتخذت قراري بسبب رغبتي في خوض التحدي وكنت أعلم حينها أن لاعبي الأنصار يقدمون دائماً أفضل ما لديهم، وهو ما حفزني لأعمل جاهداً وأقبل التحدي، وبصراحة كنت أتمنى التتويج بالألقاب وأحاول أن أكسب تقدير واحترام الجميع، وهو أحد أهم القرارات التي اتخذتها في حياتي
- حدثنا عن مسيرتك في الأنصار
كانت تجربتي مع الاخضر رائعة ولي فيها ذكريات جميلة فأنا لا أرى نفسي الأفضل، إلا أني امتلكت الشغف والحماسة باستمرار. كان لدي الكثير من الإيجابيات رغم بعض الأمور السلبية، فقد أحسست بأنني إنسان جديد بعقلية مختلفة، وحاولت أن أتصرف على طبيعتي من اليوم الأول وأقدم الأفضل، فالجميع يتوقع منك أن تحقق الانتصار عندما تكون لاعباً مع الأنصار وعليك أن تثبت أنك جدير بالدفاع عن ألوان النادي. لقد عملت جاهداً، وكنت أستيقظ باكراً لأركض في منطقة الروشة لأعود بعدها وأتمرن مع زملائي بعد الظهر، فالهدف الأول كان تحقيق الفوز وأي شيء آخر يأتي في المرتبة الثانية.لقد كان الموسمان الأولان الأفضل مع الأنصار ، ولعبت بجانب لاعبين كبار ونجحت في أن أكون فعالاً، وأسهمت من خلال مشاركتي في خط الوسط في تسجيل أهداف لا تنسى وصناعة أهداف أخرى لزملائي. ولم أكن أخشى مواجهة أي نادٍ أو لاعب، حيث تمتعت آنذاك بثقة كبيرة بالنفس وكنت دائماً أستعد لمواجهة أفضل الخصوم وأنا بالفانيلة الخضراء. أستطيع القول أن مسيرتي مع الزعيم كانت الأفضل خلال مشواري الاحترافي وأنا ممتن لها، وشكلت خلالها صداقات لا تزال مستمرة حتى الآن.
- حدثنا عن لاعبيك المفضلين في صفوف الأنصار
تحقيق الأنصار اليطولات وتحطيمه الأرقام يعود لامتلاكه فريقاً يعمل بطريقة جماعية، فقد كنا نعلم مهامنا ونؤديها بطريقة ممتازة، وكنا منظمين.سأتحدث بصراحة، الجميع كان مهماً ولكنني إذا أردت أن أسمي نجوماً فإنني أعتبر أن مالك حسون كان بمثابة أخي التوأم، وكان ذكياً ومتناغماً جداً معي على أرض الملعب، أما جمال طه فهو اللاعب القوي الذي يخشاه الجميع ويبذل في كل مباراة ضعف المجهود الذي يقدمه الآخرون فهو قائد بكل ما للكلمة من معنى وأداؤه أعطاني الحافز دائماً. أما كيفورك فتميز بكونه اللاعب الهادىء، في وقت كان بيتر بروسبار المهاجم الذي يتمناه الجميع وبخاصة أنه كان جاهزاً لمعاقبة مدافعي الخصم في أي وقت وتسجيل الأهداف.أما بالحديث عن الثلاثي ليث حسين وحبيب جعفر وفوزي جمال فهم تميزوا باحترافية عالية وكان شرفاً لي أن ألعب بجانبهم. بينما كان محمد المسلماني وعبد الفتاح شهاب أفضل جناحين لعبت بجوارهما، دون أن أنسى بلال زغلول وخضر برجاوي وفادي عياد إضافة إلى سليم حمزة وبالطبع الحارس علي فقيه. أنا أقدر وأحترم جميع اللاعبين، الذين كانوا جزءاً من منظومة النادي والكل كان مساهماً بالانجازات بطريقته، وكان صعباً عليّ تسمية الجميع، وأنا أعتذر ممن لم أذكرهم فكل اللاعبين لديه مكانة خاصة في قلبي.
- أخبرنا عن المدرب التاريخي للأنصار الحاج عدنان الشرقي
عدنان الشرقي أو أريغو ساكي كما أحب أن أناديه كان شخصاً مختلفاً. فهو المدرب الأفضل الذي لعبت تحت قيادته، فالانضباطية والتقنية المتقنة التي اعتمدها أتت من عالم آخر، وهو تميز بالذكاء الحاد، ويعلم دائماً ماذا يريد وكيف يحقق ما يصبو إليه.التعامل معه صعب بسبب الجدية التي كانت العلامة الفارقة لديه، لكنني لطالما أضحكته، وللحديث عن أسلوبه فهو مدرب تكتيكي بامتياز ويعلم كيف يوظف اللاعبين ودائماً ما يتخذ قرارات صائبة، وأذكر جيداً عندما واجهنا النجمة على الملعب البلدي في المباراة التي انتهت أنصارية بأربعة أهداف لهدفين، فقد أشرك آنذاك حازم الغور في مركز الظهير الأيمن وأدى مباراة رائعة، وقراره أتى في محله.لم يخف من إجراء أي تبديلات جذرية واتخاذ قرارات صارمة، ويعود سر نجاحه إلى الاستقلالية التي كان يعمل فيها بعيداً عن أي تدخل في فلسفته الكروية أو خياراته الفنية، ولطالما اعتبرته بمثابة والدي، فهو ساعدني كثيراً لأتألق، ويعود له الفضل في ما أصبح عليه الأنصار فهو ببساطة صانع أمجاد النادي وسأذكره دائماً بأنه كان الأعظم، وأريد أن أشكره من صميم قلبي لمنحي الفرصة لٓلعب لهذا النادي الكبير.
- متى وكيف غادرت الأنصار؟
حدث ذلك نهاية موسم 1999 - 2000 بعد مواجهتي بعض المشاكل والأمور لم تسر وقتها بالشكل المطلوب، فبعد أن بدأت أفقد دوري أساسياً مع الفريق، لم أرغب أن يتذكرني المشجعون بطريقة غير جيدة، فلما سنحت لي فرصة السفر إلى أميركا، قررت استغلالها دون تردد، وهو ما جعلني أفتقد اللعب، إلا أن ظروف الحياة تجعل الإنسان مجبراً على اتخاذ قرارات صعبة لكن مفيدة للمستقبل، ما يجعلنا أكثر خبرة، ولا يمر يوم واحد دون التفكير بالأنصار أو السؤال عنه علماً أنني أقوم بشكل مستمر بالتواصل مع بلال فراج مدير النادي.
- كيف ترى نادي الأنصار في الوقت الحالي، وما يحتاجه للعودة إلى منصات التتويج؟
وجودي خارج لبنان يجعلني أتابع الفريق من خلال الإعلام وبعض الأصدقاء فقط، لذا لا أستطيع فعلياً الحديث عن الأشياء التي يحتاجها الأنصار حالياً، لكنني واثق من أن على الجميع تقديم نتائج أفضل. أنا أدرك جيداً أن الاستقرار المالي موجود، إضافة إلى لاعبين مميزين وجمهور رائع، لكن ما ينقص الفريق هو الصيغة والتركيبة التي أتمنى أن تتحقق قريباً. وآمل أن يمتلك اللاعبون عقلية الفوز والشخصية التي تمكٓنهم من قلب أي نتيجة. أدرك جيداً وجود لاعبين مميزين قادرين على تحقيق الإنجازات وهم بحاجة الى الدعم لتقديم الافضل، فالكل يعلم أن المستوى في لبنان يرتفع وهو ما يدفعنا إلى العمل بشكل مضاعف للوصول إلى مستوى منافسينا. وعلينا أن نعمل بشكل مكثف ونؤمن بقدراتنا ونذهب إلى الملعب ونقدم كل ما لدينا ونقاتل لنصل الى النتائج المرجوة، كما أن الأداء الجماعي والقتال على كل كرة، واحترام شعار النادي سيجعلنا بالطّبع نحقق الانتصارات، وتحقيق التجانس يجعلنا نسير على السكة الصحيحة.
- ماذا عن تجربتك مع المنتخب الوطني؟
لقد كنت محظوظاً بارتداء قميص المنتخب الوطني ولو لفترة قصيرة، وكان بالطبع شرفاً لي.المباراة الأولى التي خضتها كانت بمواجهة العراق على الملعب البلدي وأحسست آنذاك بمشاعر رائعة. فلا أستطيع مقاومة الشعور بأنني مثّلت بلادي وكنت أعلم أنني قدمت مستويات مميزة مع النادي جعلتني أستحق أن اكون احد أعضاء المنتخب فهذه التجربة ستكون دائماً في بالي.لقد حظيت بشرف اللعب تحت قيادة المدرب الويلزي تيري يوراث الذي كان إنسان بالفعل مذهلاً ويتواصل بطريقة مميزة مع الجميع.تواجدي مع المنتخب جعلني أحظى بفرصة التدرب مع لاعبين مميزين لطالما تنافسنا وتواجهنا في منافسات الدوري، واجتمعنا ضمن مجموعة واحدة لهدف أسمى هو تمثيل لبنان وهو ما كان همنا الوحيد. فعندما أنظر حولي، أرى نجوماً أمثال بابكين، وارطان، كيفورك، كوركين، وائل نزهة، موسى حجيج، إبراهيم حصني، مالك حسون، علي فقيه، أحمد الصقر، زاهر العنداري والقائد جمال طه ولاعبين آخرين.لقد تشرفت باللعب للمنتخب وتجربتي كانت مميزة، وسأبقى أقدر وأحترم اللاعبين الذين تشاركنا سوياً معهم في أداء المهمة الوطنية.
- حدثنا عن اعتزالك اللعب
بعد الأنصار لعبت مع ناديي الإخاء الأهلي عاليه والهومنمن، قبل أن أتعرض إلى إصابة في الكاحل جعلتني أبحث عن مستقبلي في مكان آخر وكان قرار الرحيل إلى الولايات المتحدة. فاعتزالي جاء نهاية موسم 2005 - 2006، وأنا لم أبتعد تماماً عن المباريات، وما زلت ألعب بداعي التسلية.بعد الاعتزال عملت فترة قصيرة في فندق بالولايات المتحدة، قبل أن أتحول إلى التدريب من خلال الإشراف على اللاعبين الصغار وهو ما أقوم به منذ 16 عاماً.
- حدثنا عن شهاداتك التدريبية
لدي شهادة تدريب خاصة بفئة الشباب إضافة إلى شهادة USSF B والتي تعتبر ثاني أهم شهادة في أميركا. أنا قريبة من الحصول على الشهادة الاحترافية - المستوى ب التي يمنحها الاتحاد الأوروبي من إيرلندا، والأمر كله يتعلق بمدى رغبة الشخص في تطوير مهاراته والتقدم باستمرار في مجال التدريب.
- هل ترغب في أن تصبح مدرباً لأحد الأندية اللبنانية؟
بالطبع أريد خوض هذا التحدي يوماً ما، فأنا أرى معظم أصدقائي وزملائي يقومون بهذا الأمر، ويقومون به بطريقة رائعة، فأنا أكتسب خبرة كل يوم وأرغب في القدوم والتدريب في لبنان.
- كلمة أخيرة للجماهير اللبنانية
أريد أن أشكر الجماهير التي لطالمتا استقبلتني ودعمتني واستضافتني في منازلها، واللاعب من دونها لا قيمة له، فأنا أذكر جيداً كيف كان الجمهور تأتي إلى المدرجات في جميع الظروف وأحياناً في الأجواء الماطرة لتقديم الدعم، لم نحقق دائماً النتائج المرجوة لكننا كنا نعمل بجد لنعوض، وهذا هو الشيء الجميل في كرة القدم. الجمهور اللبناني مميز، وكنت أحب دائماً اللعب بمواجهة النجمة بسبب الحماس الكبير الذي يرافق مبارياته، وأنا أعشق الصخب الجماهيري، وأنا أعلم ماذا يعني الديربي أمامم النجمة وأنا بالمناسبة أعتبر موسى حجيج بمثابة الأخ وهو كان لاعباً على مستوى مميز جداً.أطلب من الجماهير أن تستمر في تشجيع أنديتها وبطريقة راقية لأننا بالنهاية أبناء وطن واحدوأشكر الجميع وإلى لقاء قريب بإذن الله.